
هذه «سورة أنزلناها وفرضناها» مخففة ومشددة لكثرة المفروض فيها «وأنزلنا فيها آيات بينات» واضحات الدلالات «لعلكم تذَّكرون» بإدغام التاء الثانية في الذال تتعظون
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها " ولهذا قال: وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ من يعلم منه أن يزكى بالتزكية، ولهذا قال: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
إن الذين يحبون أن تنتشر المنكرات - ومنها القذف بالزنى - في المؤمنين، لهم عذاب موجع في الدنيا بإقامة حد القذف عليهم، ولهم في الآخرة عذاب النار، والله يعلم كذبهم، وما يؤول إليه أمر عباده، ويعلم مصالحهم، وأنتم لا تعلمون ذلك.
«والذين يرمون المحصنات» العفيفات بالزنا «ثم لم يأتوا بأربعة شهداء» على زناهن برؤيتهم «فاجلدوهم» أي كل واحد منهم «ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة» في شيء «أبدا وأولئك هم الفاسقون» لإتيانهم كبيرة.
فالبصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها، والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة، بمنزلة نظر البهائم.
وقوله وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا أي: من ابتغى وطلب منكم الكتابة، وأن يشتري نفسه، من عبيد وإماء، فأجيبوه إلى ما طلب، وكاتبوه، إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ أي: في الطالبين للكتابة خَيْرًا أي: قدرة على التكسب، وصلاحا في دينه، لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين، مصلحة العتق والحرية، ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه.
ثم ذكرهم بعلمه بأعمالهم، ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات.
ويدخل في ذلك، التسبيح في الصلاة وغيرها، ولهذا شرعت أذكار الصباح والمساء وأورادهما عند الصباح والمساء.
«ويقولون» المنافقون «آمنا» صدقنا «بالله» بتوحيده «وبالرسول» محمد «وأطعنا» هما فيما حكما به «ثم يتولى» تفاصيل إضافية يعرض «فريق منهم من بعد ذلك» عنه «وما أولئك» المعرضون «بالمؤمنين» المعهودين الموافق قلوبهم لألسنتهم.
«ولله ملك السماوات والأرض» خزائن المطر والرزق والنبات «وإلى الله المصير» المرجع.
وهلَّا الإمارات إذ سمعتم هذا الإفك قلتم: ما يصح لنا أن نتكلم بهذا الأمر الشنيع، تنزيهًا لك ربنا، هذا الذي رموا به أم المؤمنين كذب عظيم.
«والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» في ذلك وخبر المبتدأ: تدفع عنه حد القذف.
«ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض» ومن التسبيح صلاة «والطير» جمع طائر بين السماء والأرض «صافّات» حال باسطات أجنحتهنَّ «كل قد علم» الله «صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون» فيه تغليب العاقل.
ومنها: أن المسلمين كانوا معتادين للقيلولة وسط النهار، كما اعتادوا نوم الليل، لأن الله خاطبهم ببيان حالهم الموجودة.